تطورت جراحة القلب والأوعية الدموية بسرعة كبيرة، فقد يصعب تصديق أن هذا التخصص لم يتجاوز عمره النصف قرن، ولولا الحرب العالمية الثانية لكان ظهور جراحة القلب الحديثة قد تأخر أكثر، ففي عامي 1943 و 1944، تمكن الطبيب دوايت هاركين من إزالة أجساد غريبة من قلب ما يقرب من 100 جندي أصيبوا في الحرب.
ساعد تدخل هاركن على التخلص من فكرة أن القلب عضو لا يمكن المساس به جراحيًا، وعليه فقد مهد الطريق للتقدم المذهل خلال الخمسين عامًا الماضية في مجال جراحة القلب.
في المقال التالي سنأخذكم في رحلة قصيرة نسرد خلالها مراحل تطور التقنيات الطبية المُستخدمة في إجراء عملية قلب مفتوح لتغيير شرايين أو صمامات القلب، مُشيرين إلى المخاطر المتعلقة بالجراحة، وكيف أسهمت تلك التقنيات في الحد منها.
أسباب تضطر الأطباء إلى اتخذ قرار إجراء عملية القلب المفتوح
في كل عام يخضع ما يقرب من مليوني شخص حول العالم لجراحة القلب المفتوح لعلاج مشاكل القلب المختلفة.
عادةً ما تُجرى جراحة القلب المفتوح عن طريق شق عظمة الصدر، للوصول إلى أنسجة القلب المُصابة وإصلاح المشكلة الموجودة بها، يتضمن هذا الإجراء:
- تغيير الشرايين التاجية المُصابة بالانسداد أو التمدد.
- تغير صمامات القلب التالفة أو تلك المُصابة بالتكلس.
وفقًا للمعهد القومي للقلب والرئة والدم (NHLBI)، فإن أغلب المرضى يخضعون لـ عملية قلب مفتوح لتغير شرايين تاجية أو لإزالة الانسدادات الموجودة بها.
مخاطر ومُضاعفات مرتبطة بإجراء عملية قلب مفتوح لتغيير شرايين القلب التاجية
حتى فترة قريبة كان الخصوع لـ عملية قلب مفتوح لتغيير شرايين أو إصلاح صمامات مقتصرًا على البالغين، وكان يُخشى على كبار السن من الخضوع لها خوفًا من نتائجها السلبية على صحتهم.
تُحاط عملية القلب المفتوح بالعديد من المخاطر المتعلقة بفصل القلب ف أثناء إجراء الجراحة واستبداله بماكينة القلب والرئة الصناعية لضخ الدم إلى الأعضاء، فقد يترتب على ذلك:
- احتمالية الإصابة بالفشل الكلوي.
- ضعف عضلة القلب، الناتج عن إيقاف القلب خلال إجراء الجراحة، وإعادة إروائه من جديد بعد الانتهاء منها.
- ذلك بالإضافة إلى احتمالية النزيف أثناء الجراحة وهو من أشهر المُضاعفات المحتملة لإجراء عملية القلب المفتوح.
- التهاب الجرح، نتيجة الإصابة بالعدوى البكتيرية خلال إجراء الجراحة أو في أثناء فترة التعافي منها.
مخاطر ومُضاعفات مرتبطة بإجراء عملية قلب مفتوح لتغيير شرايين القلب التاجية لكبار السن
بالإضافة إلى المخاطر السابق ذكرها، هناك مجموعة أخرى من المُضاعفات التي تزداد نسبة حدوثها في حال أن كان المريض الخاضع للجراحة من كبار السن -خاصةً مُصابي الأمراض المزمنة من بينهم-.
تُشكل جراحة القلب المفتوح خطورة بالغة على مرضى السكري، إذ يتسبب هذا المرض في زيادة الفترة اللازمة لالتئام جرح العملية، وهو ما يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بالنزيف خلال فترة التعافي أو الإصابة بالعدوى البكتيرية.
كذلك فإن احتمالية حدوث نزيف دموى خلال إجراء عملية القلب المفتوح لمرضى السكري وضغط الدم المرتفع تزداد عن غيرهم من المرضى الذين لا يعانون هذه الأمراض المزمنة.
إجراء عملية قلب مفتوح لتغيير شرايين تاجية بالتدخل المحدود … إضافة بسيطة حافظت على حياة الكثيرين
تطور التقنيات والأجهزة الطبية المُستخدمة في إجراء عملية القلب المفتوح خلال الآونة الأخيرة يسر إجراءها لكبار السن والأطفال أيضًا بنسب نجاح منقطعة النظير مقارنةً بالجراحة التقليدية، نظرًا لما تضمنته الجراحة التقليدية من مخاطر مرتبطة بكبر حجم الشق الجراحي في الصدر، وزيادة مخاطر إصابته بالتلوث البكتيري، ذلك بالإضافة إلى طول الفترة اللازمة لالتحام العظام بعد الجراحة والعودة لمزاولة أنشطة الحياة الاعتيادية.
ما أضافته تقنية التدخل المحدود من فوائد لجراحات القلب المفتوح
التدخل المحدود من الإضافت شديدة الفاعلية، والتي ساعدت المرضى على الاستشفاء من أمراضهم القلبية، والحد من مخاطر ومُضاعفات الجراحة التقليدية، وذلك عن طريق:
- الحد من احتمالية التعرض للنزيف في أثناء الجراحة أو بعدها.
- الحد من نسب إصابة المريض بالعدوى البكتيرية.
- تقليص فترة البقاء داخل المستشفى بعد إجراء التدخل الجراحي في القلب.
- قصر الفترة للازمة للتعافي والتئام جرح العملية.
بمرور أسبوعين من إجراء عملية قلب مفتوح لتغيير شرايين أو صمامات القلب بالتدخل المحدود سيستطيع المريض العودة لممارسة حياته بصورة طبيعية، كما يتمكن من قيادة السيارة وممارسة الأنشطة الرياضية المختلفة دون أن يُشكل ذلك خطورة على حياته.
إضافات تجميلية إلى جانب الفوائد الصحية
بالإضافة إلى ما سبق ذكره من فوائد صحية تتعلق بإجراء عملية القلب من خلال التدخل المحدود، هناك قيمة جمالية أخرى تُضيفها تلك التقنية لتُحدث فارقًا في الحالة النفسية للمرضى -خاصةً السيدات-، إذ يُجرى الشق الجراحي الصغير للتدخل المحدود في الخط الفاصل بين أنسجة الثدي والبطن، لذا لن يكون واضحًا كما هو الحال مع إجراء الشق الجراحي في منتصف الصدر.
تُعد تقنية التدخل المحدود أحدث ما توصل إليه الأطباء من تقنيات إجراء عمليات القلب، ولازالت جهود الأطباء مستمرة نحو اكتشاف المزيد من التقنيات الطبية التي قد تُحدث فارقًا في إجراء التدخلات الجراحية في القلب، وتساعد في إنقاذ العديد من المرضى.
0 تعليق